الأحد، 7 ديسمبر 2014

فلم تيربو (السرعة القصوى) - Turbo



ان اكثر ما يميز هذا الفلم هو واقعيته المؤثرة والتي في وسعنا ان نسقط عليها وقائعنا الشخصية بلا ريب. وستستطيع من مشاهده الاولى ان تشعر بالتوافق الخفي بين احداثه واحداث حياتك. هذه هي السينما، تواصل مشروعها الحضاري والفني لتكثيف عيشنا في الواقع من خلال تقمصنا لشخصيات ابطال هم نحن، فقط ان تأملنا فيهم لوقت كافي. اهلا بكم في تدوينة حول فلم الكرتون الرائع تيربو (السرعة القصوى).

لا يوجد حلم كبير، ولايوجد حالم صغير



تدور احداث فلمنا هذا حول (بزاقة)! مجرد حيوان حلزوني صغير، يحلم بأن يصبح سريعا جدا، وهذا الحلم جعل الحلزوني يتابع كل ماله علاقة بسباقات الفورميلا1، واتخذ لنفسه قدوة من ابطال السرعة الحقيقيين، وتابع كل لقاءات قدوته وحفظ معظم خطبه المؤثرة ومقولاته الملهمة، هذا الحلزون هو بطلنا "ثيو" وهو يقتدي بالبطل الفرنسي "غانييه" الذي يظهر على شاشة التلفاز في الاقتباس المصور الماضي.

يعيش غانييه بالاعتماد على مقولات تعلمها من والده، واحدى هذه المقولات العظيمة هي: لا يوجد حلم كبير، ولا يوجد حالم صغير. اي ان كل حلم ايا كان يساوي حجم من يحلم به. بعبارة اخرى، ليس هناك مستحيل بالنسبة لك. هذا ما يريد ان يقوله غانييه لثيو من خلال الشاشة.

يتابع صديقنا ثيو مقابلات قدوته غانييه كما نتابع نحن الافلام في مدونة التحول (بطريقة التنمية الترفيهية) اي باستغلال المقابلات الشخصية المسلية للناجحين ومحاولة اكتشاف اسرار نجاح من يهمنا منهم لنطبقها في حياتنا. يعتقد ثيو ان رسائل غانييه الى متابعيه هي رسائل موجهة اليه شخصيا، ونعتقد نحن ان ابطال الافلام ومخرجيها يخاطبونا شخصيا.


الشيء الوحيد



هناك كتاب ترجمته مكتبة جرير للمؤلف جاري كيلر بعنوان "الشيء الوحيد" ولكي أصدقكم القول فسأعترف بانه من اروع الكتب التي قرأتها منذ فترة طويلة جدا، وسبب ذلك سيتضح لكل من سيقرأ هذا الكتاب، وهو انه استهل  باقتباس من احدى الافلام القديمة التي أثرت في الكاتب (وهذا اثبات لمعنى التنمية الترفيهية، اي امكانية استفادتنا من فلم معين لتطوير حياتنا)، وسنناقش ذلك الفلم في وقته المحدد، لان اليوم هو يوم فلم تيربو فقط. وحتى اشبع فضول المتسائلين عن هذا الفلم الذي نال شرف ذكره كاستهلال لكتاب رائع، فاسم هذا الفلم هو (City Slickers (1991.

يتحدث فلمنا عن الشيء الوحيد الذي نحبه ونشعر بذواتننا ونحن منخرطون فيه. ويتحدث كتاب الشيء الوحيد عن كيفية اكتشاف هذا الشيء الذي وبالتمسك به سيصبح كل ما عداه اسهل او غير ضروري.

في حياتنا الواقعية، غالبا ماتتشكل اهدافنا بتأثير من اكثر احتياجاتنا الحاحا. ولقد كان الشيء الوحيد الذي له معنى في حياة بطلنا الحلزوني "ثيو" هي السرعة -تماما كما هي عند قدوته غانييه-، وحاجته هذه نبعت من كونه ينتمي الى ابطأ المخلوقات على وجه الارض (البزاقة). لذلك ستراه في الفلم وهو يتخيل نفسه دائما في سباقات لا تنتهي، ولقد استاء كل من حوله من تصرفه الانفصامي هذا، ابتداءً من اخوه "شيت" وانتهاءً بعمدة الحلزونات.

راقب اهدافك، هل تعلم ماهي اصلا؟ تأمل فيها! هل هي نابعة من احتياجاتك الملحة؟ حسنا تفعل. اهتم بها، ولبيها، فهذه الاحتياجات الملحة ستستمر في شغل بالك، وستقصي كل ماعداها من الامور والقضايا المهمة الاخرى. اهتم بالشيء الوحيد بالنسبة لك، وعشه. هذه الحقيقة هي من اهم الحقائق، وكل الناجحين يدركون اهميتها. لاحظ انه عندما ينجح مغني ما في مهنته، ستتوالى عليه عروض الاعلانات او الشراكات، لكونه نجح في الشيء الوحيد الذي يهمه. الشواهد كثيرة على اهمية التمسك بالشيء الوحيد وسنناقشها لاحقا مع افلام اخرى.

الحافز


كان ثيو يحفز نفسه كلما احتاج الى ذلك، وانا ايضا، كنت احفز نفسي اثناء تعلمي للغة الانجليزية، فقد راودتني مشاعر الاستسلام لمرات لا تحصى، وكانت اجمل الدروس التي اخذتها هي الدروس التي تحثني على كتابة دوافعي التي تحفزني لتعلم الانجليزية. دوافع كالاستماع الى اغاني الراب الانجليزية وفهمها، وقراءة تفاسير الكتب المقدسة لمختلف الديانات، والتعرف على اصدقاء من حول العالم، وايضا متابعة الافلام الانجلزية واستيعاب محتواها المنطوق بلغتها الاصلية. كل هذا ساعدني على مواصلة الدروس الى ان فرغت منها بعد سنة وشهر واحد، وكان يفترض علي ان انهيها في سبعة اشهر فقط. لكنني في نهاية المطاف انهيتها، ويعود الفضل اولا واخيرا لله ثم للمحفزات التي اطالت فترة صبري.

استخدم صديقنا ثيو نفس الاسلوب التحفيزي في فلمه. في الحقيقة لقد استخدم اسلوبا اشد قسوة، وهو اسلوب التحفيز بواسطة السعادة والالم! لقد تخيل في سباقاته ان السعادة تكمن في ملاحقة الحمراء الكبيرة، والهرب من الالم الذي ستلحقه به جزازة العشب الشريرة. ولن يتضح هذا التصور الا عند مشاهدة الفلم، ولقد اخترت عدم ارفاق صورة لهذا المشهد الرائع لكون مشاهدته ابلغ من اي وصف له. ولكن لا بأس في عرض صورة  الحمراء الكبيرة :)


التحول 



التحول هو حادث نفسي يتسبب في السفر بالوعي الشخصي الى حدود ابعد من الانتكاس عنها. يعني التحول حرفيا انه مستحيل ان تعود كما كنت. وقد يحدث التحول بطريقتين، اما خارجية، واما داخلية، ولكن في كلتا الحالتين يكون موقف الاستجابة للتحول داخلي فقط. يحدث التحول خارجيا عند اعارة انتباهنا الى الاشارات التي تواتينا في حياتنا لنتأكد من امر يهمنا، كأن يرسل الله الينا ريشة طائر في الوقت الذي نتساءل فيه هل نتقدم الى الامام ام نتراجع الى الخلف من حيث اتينا! وقد يحدث ايضا بدخول بعض الاشخاص الى حياتنا، وايضا قد يحدث بتناولنا لاكسير الحياة المسبب للشباب الدائم، وما التحول الى شباب روحي ونفسي دائم.


حادثة التحول التي مر بها صديقنا ثيو هي اروع من ان توصف بالكتابة. لقد قضى حياته كلها يفكر في السرعة. واخيرا اصبح سريعا بطريقة لم يتخيلها كمكافأة لهذا الامل العظيم.


حتى تتحول عليك ان تؤمن، لا ان تعتقد. عليك ان تؤمن بالحياة، بالمستحيل، بالاشارات التي على هيأة صدف. عليك ان تتأكد من ان الايمان هو ما سيحقق لك ما تريد، وليس الاعتقاد. لاحظ ان الايمان بالله هو ايمان اولا ثم اعتقاد ثانيا. الاعتقاد وحده يترك مجالا للشك، اما الايمان فلا. اغلب البشر يعتقدون، لذلك هم مشلولو الحركة او يدورون في حلقات متكررة. لا تعتقد، آمن بالتحول وبالطبيعة وبالحياة.

دخل حياتنا لسبب ما


يعتقد الكثير حول العالم ان كل شيء يحدث في حياتنا لسبب ما، علمه من علمه وجهله من جهله، ولكن الاكيد هو ان هناك سبب. ويعتقد المسيحيون كثيرا بالاشارات، وهذه الفكره يروج لها باولو كويلو بغزارة في رواياته الرائعة. حتى مغني الراب الشهير ففتي سنت، يعتقد ان كل شيء يحدث في حياتنا لسبب ما، خصوصا بعد ان تلقى طلقة رصاص في خده الايسر، مما أدى الى تحسن صوته بشكل مدهشة، وكانت هذه الحادثة هي مصدر ايمانه بهذه المقولة.

مع توالي احداث الفلم ستظهر شخصية جديدة تغير حياة صديقنا ثيو وتساعده على تحقيق حلمه. هذه الشخصية هي "تيتو" بائع الوجبة المكسيكية "تاكوس" والذي اتخذ من ثيو (لتل اوميجو) اي صديقه الصغير.


حتى تيتو يعتقد ان ثيو دخل حياته لسبب ما، وكان يبحث عن هذا السبب بمساعدة الليتل اوميجو ثيو. ولكن انجلو اخو تيتو كان لا يؤمن بكل هذه الترهات لا هو ولا شيت اخو ثيو. لقد كانو يؤمنون بالحدود في حين ان تيتو وثيو يؤمنون بالامكانات.


يؤمن المتحولون بانه دائما هناك طريقة ما لحل اي مشكلة تواجههم. وهذا سبب ايمانهم بالاشارات، وبالامكانات. عندما قرر تيتو وثيو ان يشاركو في سباق السيارات لم يستطيعو توفير المبلغ اللازم للاشتراك في السباق، لكن ايمانهم بانفسهم حقق لهم مرادهم بايمان بعض الاصدقاء فيهم وتوفيرهم لمبلغ الاشتراك في السباق كل على حسب استطاعته. ليتحول هؤلاء الاصدقاء الى مستثمرين، ازدهرت اعمالهم بمجرد ان فاز تيتو وثيو في السباق بعد النجاح في تحديات صعبة جدا.

الحدود VS الامكانات 


نلاحظ في الفلم ان شيت وانجلو اصحاب مواقف عادية في الحياة، فهم يستسلمو بسرعة، ويؤمنون بالحياة العادية، وبضرورة الحفاظ عليها عادية كما هي. في المقابل تتسم شخصيتي تيتو وثيو بالانفتاح، بالايمان بالمستحيل، والاقدام والجرأة على تحقيق الحلم. لقد كانت عبارات انجلو وشيت على هذا النحو العادي:



اما عبارات تيتو وثيو فقد كانت هكذا:






هذه اعجبتني كثيرا. بعد ان تتحول، لن تسير ببطئ ابدا.



وهذه ايضا، كانت احدى العبارات التي حفظها ثيو من قدوته غانييه.
المخاطرة بكل شيء هي احدى السمات التي يتسم بها المتحولون في كل مكان، فهم يفضلون المغامرة على الشعور الدائم بالامان، لان المغامرات هي ما توسع افاقهم وتزيد رصيد تجاربهم وخبراتهم في الحياة.

Your skills pay the bills
مهاراتك ستدفع ثمن فواتيرك 


كانت هذه عبارة صديق ثيو الجديد "ويبلاش" الذي رأى ان ثيو صاحب مهارات عالية يستطيع ان يكسب لقمة عيشه من خلال استغلالها. وهذه تؤكد على فكرتنا بانه عند التمسك بالشيء الوحيد بالنسبة لنا، فسنتمكن من كسب لقمة عيشنا بالتأكيد لكوننا اصحاب نجاحات يستحيل الاغفال عنها وعدم استغلالها ان قمنا بتطويرها باستمرار. كأن يتحول ابو الخوارق (مدون هذه التدوينات) الى العمل في صحيفة او مجلة مهتمه بتحليل الافلام بطريقة جديدة تسمى طريقة التنمية الترفيهية مثلا :)


ملخص النقاط المهمة في فلم تيربو: 


- لا يوجد حلم كبير، ولا يوجد حالم صغير. عليك ان تتخذ قدوة لشخص تمكن من تحقيق حلمه الذي يشبه حلمك. وعليك ان تتابع قدوتك باستمرار وتدرسها لتتمكن من تطبيق استراتيجياتها في حياتك الشخصية.

- الشيء الوحيد. هو الشيء الذي ان تمسكت به فسيصبح كل ما عداه اسهل او غير ضروري. بتحقيق حلمك، وبالتركيز على نقطة قوتك، ستصبح حياتك اسهل واجمل وافضل.

- الحافز. عليك ان تجد الحافز اللازم ليساعدك على تحقيق حلمك. وكلما كان الحافز أقوى كلما كان افضل. ربما ستستفيد من طريقة ثيو القاسية في التحفز بواسطة الالم والسعادة، او ربما ستطبق طريقة المسيحيين من مذهب الابوس داي الذي يربطون احزمة المسامير على فخوذهم كلما اذنبو او شعرو بانهم ابتعدو عن الله، الا انني اجد هذه الطريقة مرعبة جدا لتكون حافزا للتقدم الى الامام.

- التحول. آمن بالتحول، وبالطبيعة، وبالحياة. عش متيقظا لكل ما يحدث حولك وداخلك. تعرف على اعمق رغباتك واحتياجاتك ولبها. انمو باستمرار وبعفوية، هذه هي رسائل الطبيعة الينا. لا تتغير، فالتغير سيعيدك كما كنت بعد فترة، ولكن تحول، ولا تعد كما كنت.

- دخل حياتي لسبب ما. قدر كل صداقاتك، وكل من يدخل حياتك، واعلم انه دخلها لسبب ما، ليعلمك درس ما، ليساعدك في شيء ما، او ليحذرك من شيء ما. دائما هناك سبب ما. قد تعلمه وقد لا تعلمه، لكنه موجود. لذلك كن متيقظا.

- الحدود VS الامكانات. لا تؤمن بالحدود، هي موجود فعلا، ولكن لا تؤمن بها، ربما ستعتقد بها. امن بالامكانات وبالقدرة على التحقيق، امن بالتجاوز والتسامي. ربما ستكون كلمات مبهمة او غير واضحة بالنسبة لك، لكن هناك جزء ما منك يعي تماما ما اقصده. ان كنت ذا روح مفعمة بالحيوية فستعي معنى التحول، والايمان بالامكانات، لان هذه هي طبيعتك، وحقيقتك.

- Your skills pay the bills. طور مهاراتك وحسن نقاط قوتك، فهي في عصرنا هذا من اهم وسائل كسب الرزق. بعد ان تكتشف الشيء الوحيد بالنسبة لك، لا تتوقف عند حد معين، واصل التقدم والتحسن المستمر الى الابد. سمعت عن احد منسقي الصوتيات DJ انه يريد ان يصبح اسطورة في هذا المجال، وانه يتمنى بان يتم ذكره باستمرار حتى بعد وفاته لسنوات. وطبعا لن يتحقق له ذلك ان رضي بحد معين لمهاراته.

طاقم الانتاج 

فلم تيربو من اخراج:
ديفيد سورين
واصوات الشخصيات الكرتونية:
ثيو - الممثل ريان رينولدز
تيتو - ميشيل بينا
شيت - باول جياماتي
انجلو - لويس جوزمان
وبلاش - بصوت الرائع سامويل ال جاكسون
ولقد شارك مغني الهيب هوب المشهور سنوب دوق في تمثيل دور صديق ثيو - سموف موف
متابعة ممتعة.



فلم هني - Honey