الخميس، 12 فبراير 2015

فلم الأميرة "الشجاعة" مريدا - BRAVE



كيف سأبدؤ حديثي عنها؟ لا أعلم! لأن فيها اجتمعت البدايات كلها. سأبدؤ بالتحدث عنها في كل فقرة من تدوينتي. هي أميرة ليست كباقي الأميرات، مختلفةٌ كلياً، ليست رومنسية كالحورية الصغيرة او سندريلا او الأميرة ياسمين حبيبة علاء الدين. اسمها ميريدا، البنت البكر لزعيم عشيرة دان بروخ، وببكورتها استطاعت منافسة أبكار الذكور من العشائر المجاورة والتفوق عليهم جميعا. ستكرّس هذه التدوينة للتحدث عن سمو الأميره ميريدا "الشجاعة".


بدايةً أود الاشارة الى ذلك التساؤل الرائع في اخر الاعلان الترويجي للفلم، وهو التساؤل الذي اعجب به كل مراجعي الفلم حول العالم: اذا كنت تستطيع أن تغير مصيرك، فهل ستفعل؟


سأناقش في هذه التدوينة كيف ان مريدا غيرت مصيرها بيديها، حيث انني شاهدت هذا الفلم خمس مرات لتتحق لي المتعة القصوى بذلك.


الحرية 


في مريدا اجتمعت البدايات كلها. كالحرية، والمسؤولية، والاستقلالية. تدور احداث الفلم حول فتاة تقوم امها بالتخطيط لحياتها منذ طفولتها واتخاذ القرارات بالنيابة عنها، مما يؤدي الى انزعاج الفتاة المراهقة من تهميش والدتها لها واستصغارها. يصور الفلم نموذجاً مصغراً للحرب الأزلية القائمة بين الراشدين والراشدات، والمراهقين والمراهقات الذين يشعرون بمرارة استضغار البالغين لهم.

تعيش اغلب الفتيات في مجتمعاتنا متّكلات على امهاتهن ويتعلمن منهن كل شيءٍ سعيا منهن للتطابق معهن لنيل رضاهن ولاعتقادهن بأن هذا هو الطبيعي والمفروض، الى ان ولدّنا واعتنينا بمثلٍ يقول: "تلف القربة على فمها، تطلع البنت لأمها". حسنا، ولكن عندما لففنا القربة على فمها، مريدا لم تطلع لأمها أبداً! فهي عكس الفتيات الساذجات ترفض ان تتزوج من غير حب كما فعلت والدتها التي تصر على تزويج ابنتها بمن يفوز بها من أبكار العشائر المجاوره. مريدا ترفض بشكل باطني ان تعامل كغنيمة ينالها من ينتصر. هي لا تفكر في الزواج اصلا، لا بحب ولا من غيره، لكونها ليست مستعدة وربما لن تستعد ابدا، فهي فتاة مغامرات، تهوى القوس والسهم والركوض بحصانها أنغس في البراري لتشعر بالحرية وبنشوة التحول من الطفولة الى المراهقة.


ترفض مريدا ان تكون مثل والدتها التي تزوجت باكراً، والتي احبت والدها بعد الزواج، وكأنها ترفض ضمنياً فكرة الحب بعد الزواج لاعتقادها بأنه قبل الزواج أفضل وأضمن وأسهل.

تعجبت كثيرا من عدم رغبة مريدا في الزواج وقارنتها فورا مع باقي الأميرات في ديزني وبيكسار، سندريلا التي تلتقي بالامير، ياسمين الصديقة الحميمة لعلاء الدين، والحورية الصغيرة إيريَل التي احبت وسيما من البشر فوق سطح الماء، الخ من الايقونات الانثوية الكرتونية التي انخرطت في علاقات رومنسية طبيعية، اما ميريدا فتأبى الا وأن تؤكد على اختلافها عنهن كلهن.

هناك مجموعات في عالمنا المعاصر لا تؤمن بفكرة الزواج على الاطلاق نظرا للكوارث المستقبلية المحدقة بالعالم. يتحدث خبراء المسؤولية المجتمعية عن تنبؤات بيئية واقتصادية تتمثل في ارتفاع اسعار المياه وعدم قدرة الكثيرين على توفيرها لابنائهم، لذلك يفضلون عدم الانجاب اصلا لكيلا يعاني اطفالهم من المشاكل الايكيولوجية الكثيرة، ومريدا طبعا لا تنتمي الى هذه المجموعة التي يوجد منها القليل في كل مكان في العالم، لكونها اميره من عشيرة وجدت في العصور الوسطى ربما، ومشاكل كهذه لم تكن موجودة لتعيق اهل عصرهم على التزاوج والتناسل، ولكنها من اهم مشاكلنا التي لا يكترث لامرها الا القليلون اليوم.

مريدا في الاساس هي اسطورة اسكتلندية قديمة تتحدث عن فتاة تتحدى الاعراف القبلية في عصرها لتتسبب في فوضى تعم المملكة بسبب تصريحها بعدم رغبتها في الخطوبة. ليس هذا وحسب، بل انها -وبعد ان تجبر على الخطوبة- تقوم بالمشاركة فجأة في مسابقة الفوز بها! وهذا مخالف للأعراف بطريقة استفزة والدتها وفاجأت كل زعماء القبائل المشاركة في المسابقة. أما الشق الاخر من الاسطورة فيدور حول استعانة مريدا بساحرة لتحوّل والدتها الى دب من غير ان تقصد ذلك، ثم تسعى جاهدة لكسر هذه اللعنة قبل فوات الاوان.

تحمّل المسؤولية واتخاذ القرارا 


تعجبني في مريدا شخصيتها الناضجة على الرغم من صغر سنها! فهي مراهقة عنيدة جدا وجميلة جدا، ومن المفترض ان تكون ساذجة وعبيطة وسطحية، الا انها ليست كذلك على الاطلاق! هي فتاة ترى ان من حقها تحمل مسؤولية حياتها واتخاذ قراراتها المصيرية بنفسها من دون تدخل قسري من أي أحد. ليس هذا فقط، فقوتها ايضا ملفتة للنظر. لقد سقطت مرة من فوق حصانها أنغيس وأسوأ ما حدث لها هو ان اتسخت ملابسها الحريرية، من غير ان تنزف قطرة دم واحدة.

أدركت مريدا منذ مراهقتها ان عليها ان تحارب من اجل مصيرها الذي تقرره بنفسها. هذه الفكره واضحة جدا في الفلم، وهي ما جعلته مميزا ومختلفا عن كل افلام اميرات ديزني المكررات والقديمات قدم الاساطير الشعبية التي انبثقن منها. مريدا اميرة جديدة من دزني أتت لتقلب الموازين، ولتخبرنا جميعا فتيات وشباب بأن علينا أن نقرر مصيرنا ونتحمل مسؤوليته بأنفسنا، لأن هذه هي حياتنا وحدنا، ولاشأن لأحد بها.

وفي طريقنا نحو عيش مصيرنا، علينا ان نتسم بنظرة مريدا العنيدة لكل من يتحدانا بأنه سيجبرنا على رأيه ايا كان. نظرة التحدي هذه هي ايماءة ناطقة تعني على ما اعتقد: أقسم بحياتي أن من سيحدد مصيري هي أنا وحدي.
نشّطت مريدا استخدام ارادتها الحرة، وهي بذلك تستحق ان تكون قدوة، للفتيات وللنسوة.

شيء آخر يعجبني في مريدا، وهو منظرها اللذي يشبه كثيرا فتيات الأحياء الشعبية (الحواري). شعرها المنسدل المسرح من جهة والمهمل من الجهة الاخرى، عفويتها الدائمة والتي تحاول والدتها ان تطمسها بتذكيرها دائما بأنها أميرة وعليها ان تتصرف كالأميرات، طريقة مشيها المتباهية احيانا. قوتها الجسدية الواضحة على الرغم من أنثوتها المتجلية، اتساخ ملابسها، فروسيتها، وايضا اتقانها في استخدام الاداة القاتلة التي اخترعها انسان عصور الصيد "القوس والسهم".


تتقن مريدا مهارة الرماية بالقوس والسهم أكثر من أي شخص في هذا الفلم. كيف لأميرة ذات شعر برتقالي طويل أن تفعل ذلك؟



التدرب


سبب دقتها في الرماية هو تدربها المنتظم في الغابة. لقد اهداها والدها في احدى اعياد ميلادها وهي طفلة قوسا وسهما صغيرين بمقاسها، لكونها مولعة بقوس والدها الذي تنبأ بفرحها بهديته التي وفق في اختيارها. كانت مريدا من وقت لاخر تتحرر من كونها اميره وتعيش حياتها بعفويه تامه وتفعل كل ماتريد. تخرج الى الغابة مع حصانها انغيس وتصوب سهمها نحو نقاط حددتها سلفا، وبعض هذه النقاط امتلأ بكل سهامها الماضية التي صوبتها ببراعة.

 
لاحظوو اننا مرة اخرى سنشير الى التدريب كأحد المحاور في هذه التدوينة كما فعلنا في تدويناتنا السابقة لإيماننا بأنه احد اهم الاستراتيجيات على الاطلاق. جميعنا نعلم عن أهمية التدريب الا اننا ننسى من وقت لآخر ان نتدرب. ثم نستسلم لمشاعر استياءٍ نسيء تفسيرها على انها ناتجة عن عدم التزامنا و ضعف ارادتنا وعدم جديتنا. لا، نحن فقط ننسى. ارادتنا قوية، والتزامنا جدي، ولكن ايامنا تزدحم احيانا بنشاطات وواجبات علينا انجازها كيفما اتفق. فقط علينا ان لا ننسى ان تدريب انفسنا هو ايضا من واجباتنا. علينا ان نتذكر ان لا ننسى. مشكلتي انا هي انني انسى، انسى ان اعيش لحظاتي واستمتع بالدقائق التي لا تعوض يوميا، انسى ان اصفح والتمس الاعذار حتى لحبيبتي، انسى بأن هناك موسيقى من موسيقاي المفضلة ستشعرني -عندما اكون قلقاً- بأن كل شيء على ما يرام، أعلم أن مشكلتنا الحقيقية هي النسيان، والذي يدعوه بعض الخطباء بالـ (غفلة).

Your skills pay the bills
مهاراتك ستدفع ثمن فواتيرك


هذه العبارة كانت عنوان محورٍ في تدوينة سابقة عن فلم تيربو، واقتبستها هنا نظراً لارتباطها بهذه الفقرة من التدوينة.
تمكنت الاميرة مريدا من دفع ثمن حريتها باستغلالها لأهام مهاراتها. فقد قامت بالمشاركة في مسابقة هي من اختارتها وفقا للتقاليد التي تنص بأن على من يريد الفوز بالاميرة العذراء ان يشارك في مسابقة تختارها الأميره بنفسها، ولقد كانت المسابقة التي اختارتها الأميرة هي اكثر مسابقة تحترفها منذ طفولتها، الا وهي الرماية.

كانت قوانين المسابقات تنص على ان من يشارك فيها هم فقط الأمراء الأبكار من العشائر المجاورة. أدركت مريدا انها احدى هؤلاء الأمراء الأبكار، لكونها البنت البكر لوالدها ارغوس زعيم عشيرة دان بروخ، لذلك شاركت في المسابقة في آخر لحظة. لماذا؟ لتتزوج نفسها، وبذلك تخالف كل الأعراف المتوارثة لأجيال. أحببت فكرة تزوجها لنفسها. بكلمات أخرى، هي تريد ان تتزوج الحرية.

مشهد السهم الذي رمته مريدا ثمنا لنيل حريتها هو احد اجمل المشاهد في الفلم، ولقد اقتبسته مع فيديوات اخرى حصرية ستجدونها في حساب التنمية الترفيهية على انستقرام والذي ستجدون عنوانه في اخر التدوينة. شاهدو هنا هذه الرمية التي لا تصفها كلمات.


اذاً، هكذا غيرت مريدا مصيرها، اشترت حريتها بمهارتها، لتحول عنواننا الفرعي الى:
Your Skill Buy Your Freedom
بمهارتك تشتري حريتك

نرى ان الناجحين في مجال الترفيه كالممثلين والمغنيين ومصممي الالعاب قد نجحو في مجالاتهم لبراعتهم فيها. اشتروا حريتهم المالية بمهاراتهم وشغفهم بمهنهم، تماما كمريدا التي تمكنت بشغفهما بالرماية ان تغير مصيرها وتتزوج نفسها حرفياً. ربما نستطيع تلخيص الفلم بعبارة: تزوج نفسك. تحمل مسؤوليتها، اتخذ قراراتك بنفسك، واسعى لعيش الحياة التي تريدها لنفسك.

بمهارتك تشتري حريتك هي رسالة مبطنة تحثك على ان تركز على اهم مهاراتك، فمهارة واحدة، تستطيع فعلا ان تنال حريتك. 

ملخص محاور الفلم: 


نستطيع مشاهدة هذا الفلم من عدة زوايا، وانا اخترت ان اسلط الضوء على شخصية مريدا وادون ملاحظاتي عليها، شاركنا تعليقاتك وملاحظاتك عن الفلم. هذه ملاحظاتي التي اطلق عليها تسمية التنمية الترفيهية، ومتابعي المدونة يعلمون انها نظرية وضعتها بنفسي ومفادها ان في وسعنا التعلم والتطور بواسطة الافلام الجيدة اذا تابعناها بتأمل وتركيز.

- الحرية. ايا كان سنك، عليك ان تريد الحرية لنفسك لانك تستحقها. عشها مع نفسك، كمريدا العنيده التي وعلى الرغم  من صغر سنها وكونها انثى ظلت متشبثة بالحرية وتعيش وفقها من غير ان تكترث باي احد. ان كنت قد تابعت الفلم، تابعه مرة اخرى ولاحظ كيف ان مريدا تشعر بالمرح والتصميم كلما كانت حرة. ستحثك على ان تتمرد وترغب بالحرية لنفسك ايضا.

- تحمل المسؤولية واتخاذ القرار هو احد توابع الحرية، اي انه يستحيل ان تشعر بالمسؤولية ان لم تكن حرا، وكذلك يستحيل ان تتخذ قرارا مصيريا في حياتك لو لم تكن حرا. كن حرا اولا، ثم افعل ذلك. كن شجاعا كعنوان الفلم الذي يعني "الشَجاَعة". الجبناء فقط هم من لا يتحملون مسؤولية حياتهم ومصيرهم فيها.

- التدرب. سنتحدث عنه مرارا وتكرارا، وستعيشه انت يوميا، طبعا بعد ان تعلم مالذي عليك ان تتدرب عليه. ابحث عن شغفك وتعرف عليه، لابد ان يكون هناك ما تحب ان تعمله وتستطيع خدمة او تسلية او مساعدة الاخرين من خلاله. بالنسبة لمريدا كان شغفها الرماية، وبالرماية تمكنت من تغيير مصيرها. كانت هذه هوايتها التي تحبها، وهي ابعد ما تكون عن هوايات البنات، ولكن ماذا نفعل مع اميرة شقية ومختلفة عن الجميع غير ان نتعجب منها!

- Your Skill Buy Your Freedom بمهارتك تشتري حريتك. تابعت الفيديو الذي رمته مريدا لتنال حريتها كثيرا جدا. احب هذا الفلم الذي لا يصدّق. واتمنى ان تتاح لي فرصة للمحاضرة عنه في احدى المناسبات.
هذا المحور تتمة للمحور الذي قبله. بعد ان تكتشف شغفك وتتدرب عليه الى حد الاتقان، سيكون في وسعك ان تشتري حريتك بواسطته. 

بقي ان اطلب منكم التكرم بمتابعة حساب التحول على انستقرام لمشاهدة #اقتباسات_فيديو من هذا الفلم منشورة هناك مع اقتباسات من مسلسلات وافلام اخرى، وعنوان حسابنا هو:

@DevelopTainment
اي التنمية الترفيهية.

http://instagram.com/developtainment

شكرا لمتابعتكم يا رفاق
#ابو_الخوارق #بطل_خارق
مع شبكة التحول التنموية الترفيهية
مستحيل، ترجع زي ماكنت.

فلم هني - Honey