الأربعاء، 6 أغسطس 2014

فلم ما بعد الأرض - After Earth الجزء الأول



في صيف عام 2013 تم عرض اجمل الافلام التي شاهدتها حتى الان، والتي وللاسف لم تنل حقها من التقدير والاحترام. هذا الفلم -الذي أصفه بأنه عظيم- هو الذي سنعلق على بعض احداثه واقتباساته المصورة اليوم. اهلا وسهلا بكم في التدوينة التي سنناقش فيها فلم: After Earth


نعم انت تعرف اين نحن. نحن في مدونة التحول، حيث التنمية ملتصقة بالترفيه كالتصاق التوأم السيامي.

يتحدث فلم After Earth عن عدة مواضيع مهمة منها: الخوف وكيف انه وهم صرف تمكن من النيل منا، وايضا يناقش موضوع اللحظة وكيف ان في وسعنا استمداد العون والقوة من بحر سحرها الذي لا ينضب، علاوة على كونها مصدر قوتنا الحقيقية، وايضا الاصرار على اتمام المهمات التي اوكلت الينا بتفاني، وسنعرف ان قراراتنا في حياتنا هي من اكثر الاشياء القيمة التي علينا التعامل معها بحكمة.
سنقوم الان بتحليل بعض الاقتباسات المصورة من هذا الفلم على طريقتنا التنموية الترفيهية كما في التدوينات السابقة، ولكن اولا سأفصح لكم عن ملخصي الشخصي لهذا الفلم بعد ان شاهدته للمرة الاولى: هذا فلم عن الانتصار على جميع مخاوفنا، بالتأكيد.
وبعد ان شاهدته للمرة الثانية لم ارضى الا ان الخص هذا الفلم بعبارة: هذا الفلم حصة متكاملة لتعلم أهم درس في حياتنا، ألا وهو "التخفي". وانا اعدك بأنه سيكون درسا رائعاً ان كنت من محبي المواضيع الروحانية الرمزية والفلسفية جدا.

هناك بداية لك لشيء 

ومن لا يعلم ذلك! هناك بداية لكل فصل من فصول العام، لكل قصة حب، لكل مؤامرة تحاك بين السماء والارض بدعوة، لكل فلم حتى، هناك بداية لحياتك الحقيقية التي لها معنى تصنعه انت في اي لحظة، وهذه تدوينة اريد بها ان احثك على ان تبدأ بالتمسك بشغفك في حياتك، ونقطة التمسك بالشغف والتحسن المستمر فيه هي من ركائزنا التي نعود اليها باستمرار في تدوينات هذه المدونة.

من الاقتباسات الجميلة التي قرأتها في احدى روايات دان براون : على قدر طول المداعبة تكون نشوة الجماع. ولن انسى تلك الكلمة الساحرة التي استخدمت كعنوان لفلم جيد حاز على جائزة الاوسكار، Inception - استهلال.  

كانت بداية هذا الفلم عادية وبانورامية جدا كأغلب الافلام، وشيئا فشيئا بدأت الاحداث تتخذ منحى مثير مع ابتعاد الممثلين الجانبيين عن المشاهد، الى ان بقي ممثلين  فقط، احدهما مراهق يمثل دور بطل الفلم، والاخر والد هذا المراهق في الفلم وفي الحياة الواقعية. 


تدور احداث الفلم عن سفينة فضائية هبطت على كوكب مدمر اسمه الارض وهي مضطرة مما ادى الى تحطمها وانقسامها الى نصفين، نصف هنا ونصف هناك يبعد عن نصفه الاخر. واهم مغامرة في الفلم هي مغامرة البطل المراهق كيتاي ريج اثناء توجهه الى النصف البعيد من السفينة لاستعداة جهاز اللاسلكي الثاني من هناك ليبعث برسالة استغاثة هي سبيله الوحيد لينجو هو ووالده الذي اصيب اثناء تحطم الطائرة من هذا الكوكب الخطير، وهذه هي المغامرة الرئيسية في الفلم. 

يجدر بنا ان نشير الى الانتقادات الحادة التي تعرض لها منتج هذا الفلم ومخرجه (ويل سميث، والمخرج م. نايت شامالان)، حرفيا لقد قام النقاد والجماهير بتمزيقهم اربا اربا، وانا شاهدت هذا الفلم فورا بعد قراءة احدى هذه الانتقادات، فقد كان الفلم على جهازي ينتظر وقته المقرر ضمن كم الافلام المجدولة في قائمة أفلامي. 

ومن اكثر الانتقادات التي لفتت انتباهي هي ان البطل مراهق لم يتجاوز الـ14 من عمره! وانا ارى ان كون البطل مراهق شيء رائع جدا، لكونه اقرب الى المراهقين وقادر على اثارة اعجابهم بشخصية البطل، فالمراهقون اكثر من يحتاجون الى دفعة ليتقدمو في حياتهم وليتجرؤو على تجاوز مخاوفهم، لكون المخاوف هي المحور الرئيسي لهذا الفلم. 

لقد اندهشت كثيرا لكون هؤلاء النقاد لم يستطعوا ان يروا بعض ما رأيته في هذا الفلم العظيم! هل هم نقاد حياديين ام مجرد محاربين لويل سميث والمخرج نايت شاملان ام ماذا؟ ومعذرون هم جماهير المتابعين لهذا الفلم حول العالم لكون الفلم لم يعجبهم كثيرا، فقد لاحظت مؤخرا ان بعض الافلام التي لا تعتمد في نجاحها على تصوير مقاطع عاطفية مثيرة والتي تناقش بطريقة مباشرة او غير مباشرة قضايا مهمة كدمار الارض المحتم ومواضيع نفسية كمواجهة المخاوف والالتفات الى مؤامرات شركات الادوية والسنجلاريتي وذكاء التكنولوجيات الحيوية لا تلقى رواجا كبيرا حول العالم! وتقريبا كل فلم يعرض اهمية العيش في اللحظة ويبالغ في ذلك -كفلمنا هذا الذي عرض ثلاث مشاهد جميلة  أمر فيهما القائد سايفر ريج ابنه المجند كيتاي ريج بأن يجثوا على ركبته ويندمج باللحظة- تعتبر الافلام من هذا النوع عادية جدا وتقيم بدرجة 5,0\10 او اكثر بقليل وهي لا تستحق ذلك حقا! 


تختلف معطياتنا في التقييم عن معطيات موقع IMDB ومعطيات المدونين والنقاد حول العالم، لذلك ستتباين نتائج التحليلات لاي فلم ليكون هناك المعجبون (مع) والنقاد السلبيون (ضد) وهذا طبيعي ومطلوب. ونظرا لان اغلب متابعي الافلام والمسلسلات من اصحاب الوعي العادي والغير مكترث بترقية الوعي الجمعي على الارض كما يقول المتحدثون الروحانيون وعلماء البيئة والاجتماع الذين يرون اننا لن نتأثر بالافلام التي تناقش قضايا مهمة واخلاقية، لكون اغلب الناس يحبون المشاهد العنيفة والصاخبة ولكون اغلب الناس ليسو من المثقفين الباحثين عن حقائق الاحدا ث التي تجري من حولهم، ولا يهتمون بأن يتأثروا بالفنون، وانما فقط يريدون ان يتسلون وينغمسون في متع آنية قصيرة. هذا توصيف دقيق لأصحاب التوجه الاستهلاكي في الحياة. 

لقد تم نشر هذا الفلم في بداية عصر الدلو الذي دخلناه بحلول عام 2012 ويقال انه عصر نوراني وسيبدأ فيه وعي الافراد والجماعات حول العالم بالتفتح والسمو ليدركو جميع الحقائق المتعلقة بوعي الانسان عبر العصور، وانا شخصيا ارى اننا في العصر الذهبي لافلام هوليود التي بدأت تنتج بضع افلام اذا ما قدرت التقدير الجيد فستتكفل باثارة حفيظة المتابعين ليطالبو باعمال من هذا المستوى الرائع. 

والبداية التي كنا نريد ان نعلق عليها تحت الاقتباس المصور الماضي: هناك بداية لكل شيء، هي بداية كل انسان منا يتطلع لتحقيق هدف مهم بالنسبة له سواء اكان هدف شخصي او اجتماعي. جميعنا تصورنا انفسنا او مجتمعنا كما نريد، وتحقيق هذه التصورات الجامحة يبدأ بمداعبة الاهداف الصغيرة والمهمات البسيطة كما تحدثنا عن ذلك في احدى التدوينات. 
إبدأ. 

المكان الوحيد الذي يتواجد فيه الخوف 


الخوف ليس حقيقيا عندما يكون متعلقا بالعقل الذي اعتاد على التعامل مع الاشياء الماضية والمستقبلية بعيدا عن اللحظة، هذه كانت رسالة القائد سايفر ريج لنا. طوال الفلم نرى المجند كيتاي وهو يتكئ على خبرة والده ونصائحه التي جعلها دليل ارشاده في مغامرته، وهذه التدوينة ستكون دليل ارشادنا الى تقنية التخفي التي بني عليها هذا الفلم والتي نرى انها اكثر ما يشفع لهذا الفلم بعد الانتقادات الكثيرة التي تعرض لها.

نص الفلم يركز على الخوف ورحلة التخلص منه، وهي الرحلة التي توصلنا الى حالة التخفي كما اصطلح الفلم على تسميتها. يشير القائد سايفر ريج هنا الى المكان الوحيد -على حد قوله- الذي يتواجد فيه الخوف، وهذا المكان هو افكارنا عن المستقبل، تصوراتنا لأوضاعنا كلما تقادم الزمان بنا. 

في احدى نقاشاتي مع صديقتي التي اسميتها #صديقتي_التي_لاتؤمن_بتناسخ_الارواح -لاعتقادها بأن حياة واحدة كافية لنستنير- تحدثنا عن مشكلة الانفجار السكاني في العالم وكيف ان كتاب اوشو "من الجنس الى اعلى مراحل الوعي" وضع حلولا معقولة لذلك. سألتها لماذا يقوم المسلمون تحديدا بولادة الكثير من البنات والبنين؟ وقاطعتها ما ان بدأت تجيبني باجابة اعرفها واريد غيرها، وهي ان الرسول وصى بالتكاثر ليفاخر بنا الامم! اخبرتني ايضا بأن الوالدين يعلمون عن مصيرهم المستقبلي في شيخوختهم! سيهملهم ابناؤهم وربما بناتهم ايضا، لذلك وضعو خطة غير مقصودة ليلدوا على الاقل رجلا صالحا واحدا في هذه الحياة من بين خمس او سبع اولاد ليقوم باعالتهم عندما يعجزو عن اعالة انفسهم في المستقبل. واذا ما اخذنا اوضاع الابناء المهملين لوالديهم في عين الاعتبار -وهم كثيرون جدا- فسنرى ان هذه خطة لا بأس بها، فقط ان كنا منصفين وحملنا الوالدين مسؤولية جهلم بأساليب التربية التي كانت ستساعدهم على الاستثمار في ابن واحد او بنت واحدة فقط ان قامو بتمتين اواصر علاقتهم بهذا الابن الصالح وتربيته خير تربية، وهذا افضل من ولادة ثمان ابناء وانتظار نضوجهم لنرى ايهم هو السهم الاكثر صعودا في سوق الحياة العبثية الذي استثمرو فيه. وفي النهاية نحن نتاج تربيتنا والمؤثرات الاجتماعية والبيئية من حولنا، وهذا يضمن امكانية تشكيل ابناءنا كما نريد، في حين ان هذه العملية هي التي تحدث بالضبط من غير ان ندرك ذلك. اي انه عندما يتشكل ابناؤنا كما لا نريد، فتشكّلنا نحن ايضا ليس هو مانريده لانفسنا. #حقيقة_جلية_أثابكم الله، وأيضا عصية على الفهم. 

الخوف أقرب الى الجنون 


هل الخوف ليس له وجود فعلا؟! في رأي الاجابة هي نعم، على الرغم من انني ارتعب من الافاعي! ومن النقاط الجميلة في هذا الفلم هي نقطة الايمان. يؤمن القائد سايفر ريج (وهو المضلل الاصلي لوحوش الأرسا) يؤمن بأن هناك تقنية تساعدنا جميعا على التغلب على مشاعر الخوف تماما، ونظرا لوجود هذه التقنية وهذه الحالة التي تسمو بنا فوق الخوف، اصبح الخوف ليس حقيقيا اكثر من هذا التسامي الحقيقي الذي يستطيع كل منا تجربته. 


في كل مره تشعر فيها بمشاعر الخوف تنفعل خلايا جسدك وتنقبض اجهزتك الحيوية كرد فعل تلقائي على هذه المشاعر التي تستطيع ان تربك جميع تفاعلات جسدك في لحظة واحدة! والجنون هو ان تتسبب بانهيار جسدك كله في لحظة واحدة بشعور ليس حقيقي! 
 لنفترض ان الخوف ليس مجرد شعور، وانما حالة -موقف جسدي تجاه وقت زمني معين- وهذا الوقت الزمني معين بواسطة العقل، اي انه كلما فكرنا بعقولنا في ما نخاف منه، قام جسدنا باتخاذ هذا الموقف وعيش حالة الخوف المتكررة بحسب تكرار تفكيرنا فيما نخاف منه سواء أكانت حالة ما نخاف منه حالة من الماضي او من المستقبل. 

التخفي 


اذا! ماهي الحالة المناقضة لحالة الخوف؟ الجواب الذي قدمه لنا هذا الفلم هو: التخفي، حالة التخفي هي الحالة الوحيدة التي تناقض الخوف، اي انه يستحيل ان تعيش حالة خوف وحالة تخفي في نفس اللحظة، ومن هنا سيتحول حديثنا جذريا لنتحدث بمصطلحات روحانية مألوفة للباحثين في فلسفة الاديان وقوة الوعي الذاتي. 

لأن القائد سايفر رايج من اكثر المتقنين لتقنية التخفي (وسيستقيم المعنى لو وصفناه بأنه من اكثر المستنيرين) يعتقد عن قناعة شخصية بأن الخوف ليس حقيقي، لان حالة التخفي حقيقية اكثر منه، وهي ليست مؤقتة بزمن معين كالخوف، ونستطيع ان نعيشها في اي لحظة، ولحسن الحظ، قام سايفر ريج بتعليمنا من خلال ابنه عن اهم التقنيات التي نحتاجها لننجح في التخفي نحن ايضا، هذه التقنيات مألوفة لمتابعي المتحدثين الروحانيين حول العالم، وهي تقنية "عيش اللحظة".

- عيش اللحظة 


سنرى في هذا الفلم ان المضلل الاصلي لوحوش الأرسا "سايفر ريج" أمر ابنه المجند كيتاي بأن يجثو على ركبته ليندمج باللحظة، وبكلمات اخرى "ليتخفى". واثناء مشاهدتك للفلم ستدرك ان هناك فرق عميق بين الاندماج باللحظة وبين التخفي، ليس في التقنية، وانما في عمق تطبيقها وعمق توسيع هذه الحالة داخلنا. ستشعر وكأن التخفي هي حالة الصفاء الابدي، وأن الاندماج في اللحظة هي بداية ذلك. هناك بداية لكل شيء :) 

- التنفس 


وايضا من اهم التقنيات المشهورة في التعاليم القديمة عبر العصور هي تقنية التنفس، وهنا نجد ان سايفر ريج يهدئ من روع ابنه المرتعب عندما بدأت مركبتهم بإطلاق صافرات الانذار قبل ان تتحطم، هذا ايضا كان من اجمل المشاهد التي عجبتني في الفلم. 

تابع هذا الفلم حتى اخر ثانية فيه، لان كل الاثارة والنشوة تكمن في اخره، سترى كيف ان التنفس العميق ساعد كيتاي على التخفي في معركته مع وحش الأرسا. معركته مع الوحش المخيف لكل سكان كوكب نوفا برايم من البشر. 

هذه تقنيتين اقترحهما الفلم باعتقادي للنجاح في عيش حالة التخفي، وكلمة التخفي تشترك مع جميع المصطلحات التي تشير الى عيش اللحظة والتنفس والتأمل الخ. اذاً، عيش اللحظة هي بداية التخفي، والتنفس هو بداية عيش اللحظة. مرة اخرى، هناك بداية لكل شيء. 

الرمزية الخطيرة

يحتوي هذا الفلم على رمزيات كثيرة كمعظم الافلام الرائعة، ونحن في هذه المدونة نتشارك مهمة فك هذه الرموز قدر ما يمكن على الرغم من اعترافنا بقصورنا للنجاح في هكذا مهمة كبيرة فشل فيها حتى المتخصصون في ذلك، الا اننا نؤمن بتعددية التفاسير وعدم وجود تفسير واحد لفلم ما او اقتباس مصور رائع من احدى الافلام، لذلك ادلينا بدلونا وبادرنا باقتراح طريقة في النظر الى الافلام هي طريقة التنمية الترفيهية، وبها سنقوم بفك رمزية وحوش الأرسا التي ظهرت في هذا الفلم. 


الأرسا هي وحوش اطلقها الفضائيون في كوكب نوفا برايم الذي هاجر اليه سكان الارض بعد دمار كوكبهم قبل 1000 سنة من احداث هذا الفلم، وكان البشر يأخذون هذه الوحوش ويسافرو بها الى كواكب اخرى ليلقوها هناك وليتدربوعليها تدريبات التخفي. 

وتدريبات التخفي هي تدريبات هدفها الرئيسي تقليل نسبة الخوف في المجندين واعلاء نسبة الشجاعة والمبادرة فيهم. وما علاقة وحوش الأرسا بتقنية التخفي؟ انها علاقة وطيدة، فوحوش الارسا عمياء وترى البشر بناء على رائحة الفيرمونات التي يفرزها الانسان عندما يخاف، وهذه الفيرمونات هي الوسيلة الوحيدة ليتمكن وحش الارسا من تمييز موقع ضحيته البشرية ويقضي عليها.

وطريقة اطلاق الجسم للفيرمونات تتم عندما يتدفق الادرينالين في جسدنا، وتتوسع مسام بشرتنا، لتنطلق كميات كبيرة من الفيرمونات التي هي ما يبحث عنها وحش الأرسا، وأحيانا هو من يقوم بالتخطيط لاثارة خوفنا بتعليقه للجثث على الاشجار بطرق وحشية، لينجح في اخافة ضحيته لتطلق الفيرمونات التي ستفضح موقعها. 

وانا اعجبت بهذه الفكرة كثيرا بعد ان قضيت وقتا في التفكير فيها ومراجعة الفلم. وحوش الأرسا موجودون بيننا في حياتنا! انهم كل من يحبطنا ويقضي علينا بتشاؤمه وتثبيطه. انهم كل مخاوفنا التي تمنعنا من أن نبدأ بعيش حياتنا بالمعنى الذي نختاره لها! الأرسا هو كل ما يزيد من توترنا وقلقنا وضعفنا في هذه الحياة وليس خوفنا فقط. فلكون الخوف حالة، يندرج تحتها كل المشاعر التي تتشارك نفس هذه الحالة من الضعف والفوضى في عمليات الجسم الحيوية، والتخفي هو حالة ادراكنا لقيمنا واستمساكنا بالمعنى من حياتنا، التخفي هو حالة ايماننا العميق بذواتنا وبآلهتنا، حالة الايمان العميق بالنظام والسلام والامان في كل لحظة. التخفي باختصار هو الوعي النقي وكما يشير الفلم هو حالة الشجاعة القصوى الكامنه داخل كل شخص منا. 

ملخص النقاط الجوهرية في هذا الفلم: 

- هناك بداية لكل شيء. ولا يسعني ان اضيف اي شيء على ذلك. حسنا، لا بأس ان كتبت انني قضيت وقتا طويلا في التفكير للتعليق عن هذا الفلم الذي لم تنضج تأملاتي فيه، ولكنني فعلتها على اية حال، فبتعليقاتكم سنثري الموضوع اكثر، ولولا انني بدأت بكتابة التدوينة على اية حال لما تمكنا من اثراء الموضوع اكثر. فلنثري الموضوع اكثر، ولتشاهد الفلم وتعلق عليه من فضلك. 

- المكان الوحيد الذي يتواجد فيه الخوف هو في افكارنا عن المستقبل. وعندما توقف التفكير عن المستقبل، وتبدأ بصناعته بشغفك سيكون ذلك أفضل. أكررها مرة أخرى ثانية بعد المرة الاخرى الاولى: هناك بداية لكل شيء. 

- الخوف أقرب الى الجنون، فكر مليا في هذه العبارة مع اخذ آثار الخوف على صحتك بعين الاعتبار. هل من الصحي ان تخاف كلما شعرت برغبة في ذلك؟! ركز اكثر. 

-التخفي. اجمل فكرة ناقشها الفلم على الاطلاق، وتقنية عيش اللحظة التي لقنها القائد سايفر لابنه المجند كيتاي تستحق منا كل التقدير، اما انا فسأظل معجب بها وبالبطلين دائما. هذا تحول ملحوظ في المسيرة الفنية للممثلين والمخرج والمستثمرين في هذا العمل. 

- عيش اللحظة والتنفس، من السلوكيات التي يحبذها البشر، فهي مريحة جدا عند الحزن بالتحديد، لذلك ترى الحزين يغتبط ويرتاح كلما شهق بعمق. وايضا عندما نفرح ترانا ننغمس في عيشنا للحظات التي لا تقدر بثمن، والتي نشعر بأنها أبدية وطويلة. 

-الرمزية الخطيرة. يحتوي كل فلم على بعض الرمزيات التي يقحمها المخرج في سياقات المشاهد ببراعة بالغة، وهذا هو الفن. ورمزية وحوش الأرسا في هذا الفلم تستحق التأمل والتحقق منها شخصيا، لذلك شاهد هذا الفلم الرائع عندما تتاح لك الفرصة. 

ملاحظة أخيرة 

هل كلمة التخفي هي اكثر كلمة مناسبة لهذه الحالة؟ 
في الحقيقة لقد اعتمدت على نص مترجم الفلم الاستاذ محمود فوده Killer Spider ولم اتكبد اي عناء في التفكير في ترجمة افضل. كلمة التخفي توحي بالغياب بدل ان توحي بالحضور، فالاندماج باللحظة هي عملية حضور في الاساس، والوعي المطلق هو الحاضر دائما، وليس الخير المطلق او الشر المطلق، لكون كلاهما وجهين لعملة ان ظهر وجه اختفى الاخر، ولكن الوعي المطلق هو من يميز هذه الوجوه اصلا لذلك هو الحاضر دائما. ربما ستكون هذه ملاحظتي الوحيدة على هذا الفلم الذي وصف بأنه ممل ومخيب للآمال،  واعتقد ان هذا صحيح فقط لغير المهتمين بمواضيع العيش في اللحظة وادراك قوانا الخفية الكامنة فينا طوال الوقت والتي تنتظر سماحنا لحضورها فينا الان، لينتفي الخوف ويهيمن السلام. هذا الفلم لن يثير دهشة من لم يدركو الرموز التي استنبطناها منه. 

ليس هذا كل ما لدينا عن هذا الفلم الرائع، لذلك
يتبع ... 

هناك 5 تعليقات:

  1. مرحبا ،
    شكرا على الفيلم الرائع لم اشاهده و لكن مقالك شجعني على مشاهدته ، سؤالي كيف يجتمع النقيضيين الوعي و التخفي ؟!!

    ردحذف
    الردود
    1. أهلا وسهلا اسلام، سعيد جدا بتفاعلك ومتابعتك.
      هل قرأتي التدوينة حتى اخرها؟ كتبت ان ملاحظتي الوحيدة على الفلم هي في ترجمة حالة التخفي بهذه الكلمة. في الفلم ينطقون اسم هذه العملية بـ Ghosting والمترجم ترجمها تخفي! ربما نستطيع ان نترجمها بكلمة افضل اقرب الى معنى الوعي وخصائصه.
      شكرا لك

      حذف
  2. قرأت التدوينة حتى اخرها
    خسارة لست من هوات تحميل الأفلام من النت راح انتظر حتى يعرض في MBC

    ردحذف
  3. أستمتعت برؤيتكم عن هذا الفيلم و شاهدته بعمق
    أريد منكم أيضا وضع رؤيتكم عن فيلم الــ Serendipity
    كل ما شاهدته أستمتع فيه أريد منكم التحدث عنه

    ردحذف

شاركنا تعليقك

فلم هني - Honey